مراجعة رواية «هذه ليست رصاصة» للكاتب عبد الله ناصر:
حين يصبح القدر مجرد انحراف طفيف
ليست رصاصة
تُعد رواية «هذه ليست رصاصة»
للكاتب السعودي عبد الله ناصر، الصادرة حديثاً عن دار الكرمة، واحدة من الأعمال السردية التي تتجاوز حدود
الحكاية التقليدية لتغوص في فلسفة "القدر" و"النجاة". في هذا
العمل، يقتادنا الكاتب ببراعة إلى مناطق شائكة في الذاكرة العائلية، متسائلاً عن
أثر رصاصة واحدة في تغيير مصائر أسرة بأكملها.
نستعرض في هذه المراجعة
أبعاد الرواية، الحبكة، والرموز الفنية التي وظفها الكاتب بأسلوب مكثف وشاعري.
 |
| مراجعة رواية «هذه ليست رصاصة» للكاتب عبد الله ناصر: حين يصبح القدر مجرد انحراف طفيف |
مراجعة رواية «هذه ليست رصاصة» للكاتب عبد الله ناصر: حين يصبح القدر مجرد انحراف طفيف
ملخص الرواية البحث عن الأب خلف دخان الرصاص
تدور أحداث الرواية حول الابن/الراوي الذي يحاول استعادة وترميم صورة والده الغائب. يعود الراوي بذاكرته إلى طفولته (حين
كان في الرابعة من عمره)، لينبش في تفاصيل حادثة مأساوية غيّرت مسار العائلة؛ حين
أطلق والده رصاصة غاضبة على شخص يُدعى "ناير أفقدته حريته وزجت به في
السجن.
- لا يكتفي الراوي بسرد
الحدث، بل يحاول فهم ما حدث عبر تتبع الأثر معتمداً على روايات
الشهود وشظايا الذاكرة، ليطرح السؤال المؤرق: لو أن أبي لم يطلق
الرصاصة؟.
الثيمات الرئيسية في «هذه
ليست رصاصة»
1. فلسفة النجاة والقدر
تستلهم الرواية روح قصة
قصيرة للكاتب الغواتيمالي "أوغوستو مونتيروسو"، لتبني عالمها حول فكرة
أن النجاة غالباً ما تكون محض "انحراف طفيف" في المسار. الرصاصة في
رواية عبد الله ناصر ليست مجرد أداة قتل، بل هي لحظة قدرية فاصلة. فالعائلة نجت
جسدياً، لكنها أُصيبت في "القلب" وفي أمانها النفسي.
2. رمزية المقتنيات: الأشياء
تتحدث
يتميز أسلوب عبد الله ناصر
بتوظيف دقيق للأشياء المادية، حيث تتحول مقتنيات الأب إلى علامات سردية دالة على
التحولات الاجتماعية والنفسية:
- ساعة الرولكس:
يرمز اختفاؤها من معصم الأب إلى سقوط العائلة
الطبقي وانحدارها الاجتماعي.
- المسدسات والبندقية:
تمثل بوابات الفقد والتحول العنيف في حياة الأسرة.
- دفتر التدوين:
وثيقة كاشفة لأثر السجن على نفسية الأب وتصدعاته
الداخلية.
3. الميتا-سرد: حوار فني مع رينيه ماغريت
ينتقل النص إلى مستوى فني
عميق ، حيث يقيم الراوي مقاربة ذكية بين "بندقية أبيه" والبندقية في لوحات الفنان السريالي رينيه ماغريت، وتحديداً لوحة «الناجي».
يطرح الكاتب من خلال هذا التناص تساؤلاً وجودياً:
"هل الناجي هو من أفلت من الرصاصة؟ أم هو من يعيش بجرح خفي لا
يراه أحد؟"
الأسلوب
واللغة: الكتابة باقتفاء الأثر
لا يعتمد عبد الله ناصر في
روايته على ضجيج الأحداث، بل على "أصداء" تلك الأحداث. لغته سردية شفيفة
تعتني بالحواس؛ من أزيز الرصاص إلى هديل الحمام وخطى الأم الواهنة. يبدو الراوي
وكأنه يمشي على أطراف أصابعه داخل ذاكرة هشة، محاولاً الإمساك بطيف والده عبر
الكتابة التي تغدو فعل "تحرر" واقتفاء أثر.
الخاتمة لماذا عليك قراءة
هذه الرواية؟
رواية «هذه ليست رصاصة»
ليست مجرد قصة عن جريمة وعقاب، بل هي تأمل عميق في مفهوم
الزمن، وكيف يمكن للحظة واحدة طائشة أن تخلق زمناً موازياً من الألم والذكريات. إنها
رواية عن "أثر الرصاصة" الذي يبقى عالقاً في الوجدان طويلاً بعد أن يخمد
صوت الانفجار.
معلومات الكتاب:
- العنوان:
هذه ليست رصاصة
- المؤلف:
عبد الله ناصر
- الناشر:
دار الكرمة للنشر
- التصنيف:
رواية عربية / أدب سعودي
